[المطلب الثاني: المخالفون لأهل السنة في هذه القاعدة، والرد عليهم.]
مخالفو أهل السنة والجماعة في هذه القاعدة على ضربين:
الأول: من مخالفته غير خارجة عن مجمل الأقوال التي حكيت عن أهل السنة.
الثاني: من مخالفته خارجة عن الأقوال التي حكيت عن أهل السنة.
أما الصنف الأول،؛ فهم المعتزلة والأشاعرة والماتريدية.
أما المعتزلة؛ فعباراتهم في تفسير المحو والإثبات تدل على إثباتهم له، ومن ذلك قول القاضي عبد الجبار في تفسير ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩]: المراد بذلك أنه ﷻ يمحو عن المؤمن الصغائر لأنها مغفورة، ويحتمل أنه الناسخ والمنسوخ، ويحتمل أنه يمحو ما لا مدخل له في الثواب والعقاب، ويثبت ما له مدخل في ذلك، ويحتمل أنه يمحو ما كتب من آجال وأرزاق من مضى ويثبت ذلك فيمن يبقى ويحدث" (١).
وبنحوه قول الزمخشري: " ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾: ينسخ ما يستصوب نسخه، ويثبت بدله ما يرى المصلحة في إثباته أو يتركه غير منسوخ، وقيل: يمحو من ديوان الحفظة ما ليس بحسنة ولا سيئة؛ لأنهم مأمورون بكتبة كل قول وفعل، ﴿وَيُثْبِتُ﴾ غيره، وقيل يمحو كفر التائبين ومعاصيهم بالتوبة ويثبت إيمانهم وطاعتهم، وقيل: يمحو بعض الخلائق ويثبت بعضًا من الأناسي وسائر الحيوان والنبات والأشجار وصفاتها وأحوالها، والكلام في نحو هذا واسع المجال، ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾: أصل كل كتاب وهو