وفيه إلزام كذلك للخصم بالحجة، لأن عليه أن يرضى بالقدر؛ إذ أن هذه النازلة هي من جملة المقدور الذي يجب التسليم له، وهذا في الحقيقة مكمن الحجة.
الرابع: أنه يتضمن الإرشاد إلى شهود ربوبية الله سبحانه وقدرته ومشيئته ونفوذ تصرفه في خلقه وسبق قدره؛ فلا حركة لهم ولا سكنة، ولا حياة ولا موت، ولا أي شيء إلا بمشيئته سبحانه.
الخامس: أنه لو لم يكن الاحتجاج بالقدر على المصيبة صحيحًا للزم أحد محذورين:
- أن الرضا بالقدر غير واجب.
- أن يكون شيء من الحوادث خارجًا عن القدر، وكل منهما باطل.
ولا فرق في ذلك بين المصائب التي تكون بفعل من العباد، أو التي تكون بغير فعل منهم، إذ كلٌّ مقدر، وأسبابٌ ومسبَّبات.
وللاحتجاج بالقدر على المصيبة فوائد جليلة، منها طمأنينة القلب وسكونه وترك التحسر والندم، وترك لوم الخلق والتظلم منهم.
وسيأتي - بحول الله تعالى - الكلام على يتعلق بما يشرع للعبد في القدر عند المصائب وما لا يشرع في مباحث الرضى بالقدر.
ثانيًا: الاحتجاج بالقدر على الطاعات وحكمه.
وكما أمر سبحانه بالصبر على المصائب؛ فقد أمر بشكر النعم، وحمده عليها، وجعل زيادتها مرهونةً بتحقيق ذلك، وجعل نقصها وزوالها بسبب ضده، فقال: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ