للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعباده، لكنها لا تتضمن ما أرادوا الاستدلال بها عليه وهو وجوب اللطف على الله سبحانه.

ثانيًا: وجوب الصلاح والأصلح.

المعتزلة متفقون على وجوب الصلاح على الله سبحانه، لكنهم تنازعوا في وجوب الأصلح عليه سبحانه، هل يجب في الدين فقط، أم في الدين والدنيا؟

قال الشهرستاني: "واتفقوا [أي المعتزلة] على أن الله تعالى لا يفعل إلا الصلاح والخير، ويجب من حيث الحكمة رعاية مصالح العباد، وأما الأصلح واللطف ففي وجوبه عندهم خلاف، وسموا هذا النمط: عدلًا" (١).

فذهب معتزلة بغداد إلى أنه يجب على الله سبحانه فعل الأصلح لعباده في دينهم ودنياهم، وأنه لا يجوز في حكمته تبقية وجه ممكن في الصلاح في العاجل والآجل، بل عليه فعل أقصى ما يقدر عليه في استصلاح عباده، وقالوا: بأنه يجب على الله سبحانه خلق الخلق، وتكميل عقول المكلَّفين وإزاحة عللهم، وقالوا: كل ما ينال العبد في الحال والمآل فهو الأصلح له، حتى جعلوا خلود الكفار في النار أصلح من خروجهم منها.

وذهب معتزلة البصرة إلى وجوبه في الدين فقط، وقالوا: لا يجب على الله سبحانه ابتداء الخلق، لكنه إذا خلق العقلاء وكلفهم؛ وجب عليه إزاحة عللهم من كل وجه، ورعاية الصلاح والأصلح في حقهم بأتم وجه وأبلغ غاية (٢).


(١) الملل والنحل (١/ ٥٧).
(٢) انظر: نهاية الإقدام (٤٠٤ - ٤٠٥)، والإرشاد (٢٨٧ - ٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>