للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة الثانية: الفرق بينها وبين هداية التوفيق.]

إذا تبين معنى النعمة الدينية على المؤمن؛ فما الفرق بينها وبين هداية التوفيق؟

والجواب أن هذه النعمة هي من هداية التوفيق، وهي سبب لهداية التوفيق.

فالله سبحانه إذا أراد هداية عبد فإنه يعينه؛ فيحبَّب إليه الهدى والإيمان، ويكرِّه إليه خلافه من الضلال والكفر، وهذه هي النعمة الدينية، ثم يجعل سبحانه هذا منه سببًا يخلق به في قلبه القدرة والإرادة والهدى، ويزال عنه موانع الهداية، ويقام له موانع الضلال، فيهتدي العبد إلى الحق والصواب.

فبنعمة الله سبحانه أحب الحق وأراده وكره خلافه، وبنعمته سبحانه هدي إلى الحق هداية التوفيق.

قال شيخ الإسلام : "وإلهامهم الإيمان وهدايتهم إليه، وتخصيصهم بمزيد نعمة حصل لهم بها الإيمان دون الكافرين؛ هو من نعمته" (١).

وإذا كانت هذه النعمة الدينية هي سبب الهداية للمؤمن؛ فعدمها هو سبب ضلال الكافر، إذ لو أنعم الله عليه بهذه النعمة لاهتدى.

ومنعه سبحانه الكافر هذه النعمة ليس ظلمًا للكافر، لأنه لم يمنعه ما هو حق له، بل منعه فضله، ﴿وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [البقرة: ١٠٥].


= وكونها نعمةً في حقه لا ينافي كونها نقمة، فهي نعمة باعتبار أصلها وحصول الالتذاذ العاجل بها، وهي نقمة باعتبار عاقبتها ومآلها، والله أعلم.
(١) مجموع الفتاوى (١٤/ ٢٦٠ - ٢٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>