مسألة تكليف ما لا يطاق مبنية على مسألة الاستطاعة ومتفرعة عنها، وقبل الشروع في بيانها لا بد من بيان مقدمتين:
الأولى: معنى الطاقة.
الطاقة في اللغة: اسم يوضع موضع المصدر، يقال: أطاق يطيق إطاقة وطاقة، والطاقة: هي القدرة على الشيء، ومنه قولهم: طوقني الله أداء حقك، أي: قوَّاني (١).
واستخدمت الطاقة في الشرع بمعناها اللغوي لكن على وجه أخص؛ فالطاقة في الشرع: القدرة على الشيء من غير ضرر يلحق الفاعل.
الثانية: إطلاق القول بتكليف ما لا يطاق بدعة.
أخبر الله ﷿ أنه لا يكلف نفسًا فوق طاقتها وقدرتها، رحمةً منه ﷾.
وهذا القدر من مسألة تكليف ما لا يطاق شرعي لا إشكال فيه، وهو القدر الذي عرفه الصحابة ﵃ وسلف الأمة، مع كونهم لم يسموه تكليف ما لا يطاق.
ثم لما تكلم من بعدهم في هذا المعنى وأضافوا صورًا غير شرعية صار هذا المعنى مجملًا مشتملًا على حق وباطل، فتوجب التفصيل فيه رفعًا للاشتباه وتمييزًا للحق منه عن الباطل.
قال شيخ الإسلام بعد ذكر التفصيل في هذه المسألة: "وإذا عرف هذا؛
(١) انظر: تهذيب اللغة (٩/ ٢٤٢)، القاموس المحيط (٣/ ٢٥١)، ولسان العرب (١٢/ ١٠١)، مادة: (طوَق).