للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة الثالثة: شرح القاعدة.]

هذه القاعدة هي نص حديث النبي ، ولها تعلق مباشر بعدد من أبواب القدر، من أهمها: باب الأسباب، وباب الحكمة، وباب الهدى والضلال.

وهي على وجه العموم قد انتظمت الشرع والقدر والسبب والمسبب (١).

كما أن لها تعلقًا متينًا بالقاعدة السابقة: "الله جبل العباد على ما شاء"، وذلك أن جبل الله للعباد - كما تقدم - خلْقُ ذواتهم وأفعالهم، ومن ذلك خلق إراداتهم من إيمان وكفر، وطاعة ومعصية، وهذا مشتمل على التيسير لليسرى، والتيسير للعسرى، فتكون هذه القاعدة أخص منها.

ولهذا وضع بعض أهل العلم لفظ (التيسير) مكان لفظ (الجبل)، بديلًا للفظ (الجبر) المبتدَع، كما صنع الإمام ابن القيم (٢).

وأما ارتباطها بباب الهدى والضلال، فلأن التيسير لليسرى - في الحقيقة - هو الهدى، والتيسير للعسرى هو الضلال.

وأما ارتباطها بباب الحكمة، فلأن الله يعلم المحل الذي يصلح لفضله وكرامته وعطائه، من المحل الذي لا يصلح لذلك، وحكمته تأبى وضع الشيء إلا في المكان الذي يصلح له، فالله علم من بعض خلقه صلاحيتهم لفضله فيسرهم لأسباب السعادة، وعلم من بعضهم عدم ذلك فيسرهم لخلافها.

وأما ارتباطها بباب الأسباب، فلأن الله ﷿ يعلم الأمور على ما هي عليه؛


(١) انظر: التبيان في أيمان القرآن (١٠٠)، وانظر (٨٨) منه.
(٢) التبيان في أيمان القرآن (٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>