هذه القاعدة من القواعد العظيمة في باب القدر، ولها ارتباط بكل مسائل الاعتقاد.
وقبل الشروع في بيانها يحسن البدء بمقدمة مشتملة على خمس مسائل:
الأولى: اتصاف الله ﷾ بصفات الكمال، وتنزهه عن كل نقص.
الثانية: الصفة إذا قامت بمحل عاد حكمها على ذلك المحل دون غيره.
الثالثة: عموم خلق الله ﷾ لكل شيء.
الرابعة: أن هناك فرقًا بين الفعل والمفعول.
الخامسة: أن هناك فرقًا بين فعل وأفعل.
أما المسألة الأولى: فسبق طرقها مرارًا، فأغنى عن إطالة الكلام فيها، وحاصلها أن الأدلة - من الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة والحس وسائر أنواع الدلالات الصحيحة - دلت على اتصاف الله ﷿ بالكمال وتنزهه عن النقص.
ويتفرع عن هذه القاعدة الكلية قواعد وفروع كثيرة جدًا، بل لو قيل إن هذه القاعدة قد انتظمت مسائل الاعتقاد كلها لما بعُد، لأن الاعتقاد كله مرجعه إلى الإيمان بالله، والإيمان بالله قول وعمل، وإن شئت قل: علم وعمل، فالعلم بالله لا يكون إلا بالعلم بأسمائه وصفاته، والعمل لا يكون إلا بمعرفة المعبود ومعرفة مراده، فعاد أمر الاعتقاد، بل أمر الدين كله إلى معرفة أسماء الله وصفاته.
وأما علاقتها بهذا المبحث أن وصف الشر وصف نقص مطلقًا، فوجب تنزيه الله ﷾ عنه، وصفًا وتسميةً وفعلًا، مع إثبات كمال ضده