للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: المخالفون لأهل السنة في هذه القاعدة، والرد عليهم.]

خالف المعتزلة والأشاعرة أهل السنة في إثبات الحكمة في أفعال الرب سبحانه.

أما المعتزلة؛ فذهبوا إلى إثبات الحكمة، وأنه لا يخلو فعل من أفعال الرب سبحانه منها، وإلا للزم العبث عليه، تعالى الله عن ذلك.

قال القاضي عبد الجبار: "إن الله سبحانه ابتدأ الخلق لعلة، نريد بذلك وجه الحكمة الذي له حسن منه الخلق، فيبطل على هذا الوجه قول من قال: إنه تعالى خلق الخلق لا لعلة، لما فيه من إيهام أنه خلقهم عبثًا لا لوجه تقتضيه الحكمة، وذلك - أي نقص من يفعل لا لغرض - ظاهر في الشاهد" (١).

وقال الشهرستاني: "قالت المعتزلة: قد قام الدليل على أنه تعالى حكيم، والحكيم من تكون أفعاله على إحكام وإتقان، فلا يفعل فعلًا جزافًا؛ فإن وقع خيرًا فخير وإن وقع شرا فشر، بل لا بد وأن ينحو غرضًا ويقصد صلاحًا" (٢).

ومخالفة المعتزلة لعقيدة أهل السنة من وجهين:

الأول: إنكارهم أن يعود لله سبحانه من الحكمة وصف، وأن الحكمة من الفعل مقصورة على الحكمة الراجعة إلى المخلوق، وهذا بناءً على مذهبهم في نفي صفات الله سبحانه.

فإنهم جعلوا "الحكمة في ذلك [أي الخلق] إحسانه إلى الخلق، والحكمة في الأمر تعويض المكلفين بالثواب، وقالوا: إن فعل الإحسان إلى الغير حسن


(١) المغني (١١/ ٩٢ - ٩٣).
(٢) نهاية الإقدام (٤٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>