للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة الثالثة: شرح القاعدة.]

الجَبْلُ في اللغة مأخوذ من مادة (جَبَل)، يقال: جَبَل الله الخلق يجبُلهم جَبْلًا، أي: خلقهم، وجُبل الإنسان على هذا الأمر أي طُبع عليه، وجِبِلَّة الشيء: طبيعته وأصله وما بُني عليه (١).

وهذا المعنى اللغوي هو المراد في لسان الشرع، فمعنى جبْل الله للعباد: خلْقُهم؛ ذواتهم وأفعالهم، وما أودعه في نفوسهم من طبائع وصفات.

لكن المقصود في هذه القاعدة شيء خاصٌّ من هذا العموم، وهو خلق الله ﷿ لإرادات عباده من إيمان وكفر، وطاعة ومعصية.

وأما خلق الأفعال فسيأتي الكلام عليه مفصَّلًا في قاعدةٍ مستقلةٍ.

وسبب الكلام في هذه المسألة عند الأئمة هو أن القدرية - الذين أنكروا أن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء، وأنه هو خالق أفعال العباد - ألزموا مخالفيهم بالقول بأن الله يجبر العباد على أفعالهم، فالتزم بعض من ناظرهم من أهل السنة إطلاق الجبر في حق الله ﷿، ونفاه بعضهم وأطلقوا أن الله لا يجبر العباد على أفعالهم، فأنكر الأئمة - كما سيأتي - ذلك على الطائفتين (٢).

وأصل الجواب في هذه المسألة هو أن لفظ (الجبر) لفظ مجمل، يراد به


= ورواه بدون لفظ الشاهد: مسلم من حديث ابن عباس ح (٢٥)، ومن حديث أبي سعيد الخدري ح (٢٦).
(١) انظر: تهذيب اللغة (١١/ ٩٥)، لسان العرب (٥/ ١٠٢)، مادة: (جَبَل).
(٢) انظر: درء التعارض (١/ ٢٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>