للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة الثانية: الأدلة على القاعدة.]

تضمنت هذه القاعدة جزئيتين:

الأولى: تأثير السبب.

الثانية: أنه غير مستقل بالتأثير.

أما الجزئية الأولى، فيدل على هذه القاعدة ما يدل على القاعدة السابقة من أدلة، وهي الكتاب والسنة والإجماع والفطرة والحس والعقل، إذ هذه القاعدة متممة ومكملة لها.

ووجه الدلالة منها أن إثبات سببيتها يقتضي إثبات أنها مؤثرة، إذ لا معنى لكونها سببًا لا في اللغة ولا في الشرع ولا في العقل ولا في الحس ولا في الفطرة؛ إلا أنها مؤثرة.

أما في اللغة، فلما تقدم من أن السبب هو ما يتوصل به إلى الشيء، كالدلو لماء البئر، والسُّلَّم للسطح، ومعلوم أنه لولا الدلو والسُّلَّم لما تمكن الفاعل من أخذ الماء وارتقاء السطح، فدل على أنهما مؤثرين في ذلك.

وأما في الشرع، فلأن الشارع رتب الأحكام على أسبابها في الدنيا والآخرة؛ فرتب القصاص على القتل، والضمان على الإتلاف، واستحقاق الغنائم على القتال، ولو لم تكن هذه الأسباب مؤثرة في مسبَّباتها مقتضية لها لما كان لهذا الترتيب معنى، وللزم منه الطعن في حكمة الله وعدله، وأنه ﷿ يفعل لمحض المشيئة وصرف الإرادة، ولذلك كان من نفى الأسباب نافيًا للحكمة، وواصفًا الله ﷿ بما ينافي عدله (١).


(١) انظر: مفتاح دار السعادة (٣/ ٣٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>