للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: المخالفون لأهل السنة في هذه القاعدة، والرد عليهم.]

خالف أهلَ السنة في هذه القاعدة المعتزلة، وكلام المعتزلة في القدرة كثير ومتشعب، والذي يهمنا هنا كلامهم في هذه المسألة، وهي شمول القدرة وشمول المشيئة، وجواز تعلق القدرة بكل ما يجوز أن تتعلق به المشيئة والعكس.

ومذهبهم في هذه المسألة أن كلًّا من القدرة والمشيئة غير شامل لكل شيء، بل من الأشياء ما لا يقدر عليه الرب سبحانه ولا يشاؤه، فمخالفتهم في أمور:

الأمر الأول: جعلهم المعدوم شيئًا في الخارج.

الأمر الثاني: إخراجهم القدرة عن عمومها، وجعلهم بعض الموجودات خارجة عن قدرة الرب ومشيئته.

الأمر الثالث: تجويزهم تعلق المشيئة بما هو خارج عن القدرة.

أما الأمر الأول: فاشتهر في أول أمره عن معتزلة بغداد، وقال به أبو الحسين الخَيَّاط (١)، والشَّحَّام (٢)، ثم من بعدهما (٣)، وقد حكى الإسفراييني اتفاق المعتزلة على ذلك خلا الصالحي، وحكى عنهم أنهم يقولون إن الجوهر


(١) هو: أبو الحسين، عبد الرحيم بن محمد بن عثمان الخياط، شيخ المعتزلة ببغداد، تنسب إليه فرقة منهم تدعى: "الخياطية"، له كتب منها: "الانتصار"، و"الاستدلال"، مات سنة (٣٠٠ هـ).
انظر: تاريخ بغداد (١٢/ ٣٧٣)، وسير أعلام النبلاء (١٤/ ٢٢٠)، الأعلام (٣/ ٣٤٧).
(٢) هو: أبو يعقوب يوسف بن عبيد الله الشحام البصري، صاحب أبي الهذيل العلاف، وشيخ أبي علي الجبائي، انتهت إليه رئاسة المعتزلة بالبصرة في وقته، من كتبه: "الاستطاعة على المجبرة"، وله كتاب في "تفسير القرآن"، مات نحو سنة (٢٨٠ هـ).
انظر: سير أعلام النبلاء (١٠/ ٥٥٢)، ولسان الميزان (٨/ ٥٦٠)، والأعلام للزركلي (٨/ ٢٣٩).
(٣) انظر: الوجود والعدم بين المعتزلة والأشاعرة (٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>