للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: المخالفون لأهل السنة في هذه القاعدة، والرد عليهم.]

لما كانت هذه القاعدة مرتبطةً بما قبلها، ومتممة لها - إذ الأولى في بيان حرمة التنقير والبحث في مسائل القدر، وهذه في بيان الأصول التي يستمد منها الباب، وهي الكتاب والسنة - فالرد على المخالفين هنا سيكون كما في القاعدة السابقة مجملًا، مع عرض وجه المخالفة عند كل فرقة.

وخصومة أهل السنة هنا مع المتكلمة من معتزلة وأشاعرة وجهمية، إذ أن وصف الكلام إنما أُخذ من اتباع الكلام والعقول والأقيسة المنطقية في مقابل النصوص الشرعية والآثار السلفية (١)، وذلك أن المتكلمين بنوا مقالتهم على تقديم العقل على النقل، وجعلوه أصلًا كليًّا عنه تفرع منهجهم في التلقي والاستدلال (٢).

فمع تعظيمهم الغالي للعقل؛ أهملوا العناية بالنقل، وأعرضوا عن كتب الأحاديث والآثار، واشتغلوا عنهما بفلسفة الهند ومنطق اليونان، لذلك فهم من أجهل الناس بهما، وقد اعترف بذلك كبراؤهم، كاعتراف الغَزالي (٣) بأن


(١) قال الإيجي معرِّفًا علم الكلام: "والكلام علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية، بإيراد الحجج ودفع الشبه" وقيد الدينية بكونها منسوبة إلى دين النبي ، وإن لم تكن هذه النسبة صحيحة في نفس الأمر، لأن الخطأ في تقرير مسألة لا يخرج المتكلم عن هذا الوصف. المواقف (٧)، وانظر: لوامع الأنوار (١/ ٧).
(٢) انظر: درء التعارض (١/ ٤ - ٦).
(٣) هو: أبو حامد، محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي الشافعي الصوفي الأشعري المتكلم، ولد سنة (٤٥٠ هـ)، من كتبه: "الاقتصاد في الاعتقاد"، و"إحياء علوم الدين"، له هفوات وزلَّات عظيمة، كانت خاتمة أمره إقباله على طلب الحديث ومجالسة أهله ومطالعة =

<<  <  ج: ص:  >  >>