تضمنت هذه القاعدة أصلًا عظيمًا من أصول الإيمان، وهو أنه لا حجة لأحد على الله ﷾، بل لله سبحانه الحجة البالغة على عباده، كما قال تعالى: ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الأنعام: ١٤٩].
والاحتجاج في اللغة: مصدر احتج يحتج، وهو استفعال من الحجّ، والحجُّ في الأصل القصد، وله معان منها الحجة: الدليل والبرهان، وما دُوفع به الخصم، أو الوجه الذي يكون به الظفر عند الخصومة، سميت بذلك لأنها تحج، أي تقصد إذ القصد لها وإليها (١).
والمراد بالاحتجاج بالقدر: جعله حجة لفعل أو ترك.
والاحتجاج هنا ليس مقصورًا على الخصم الخارجي، بل حتى على النفس، فإن النفس اللوامة، تلوم صاحبها على فعل المعصية، فهي مخاصمة له في ذلك.
والاحتجاج بالقدر إما أن يكون على معصية، أو على طاعة، أو على مصيبة، والاحتجاج به على المعاصي هو محل البحث هنا.
ودخول المعاصي في جملة ما قدَّره الله ﷿ على العباد أمر مجمع عليه عند مثبتة القدر، وقد دل على ذلك جملة كبيرة من الأدلة الشرعية والعقلية.
ودل على ذلك أيضًا جملة صالحة من كلام أئمة السلف رضوان الله عليهم، من ذلك:
(١) انظر: تهذيب اللغة (٣/ ٣٩٠)، ولسان العرب (٣/ ٥١).