للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة الثانية: الأدلة على القاعدة.]

يمكن تقسيم الأدلة على هذه القاعدة إلى قسمين:

القسم الأول: الأدلة على أن العقل يدرك حسن بعض الأشياء وقبحها، وهي أنواع:

الأول: إخباره سبحانه عن أعمال الكفار بما يقتضي أنها سيئة قبيحة مذمومة قبل مجيء الرسول إليهم، كقوله تعالى: ﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) قَوْمَ فِرْعَوْنَ﴾ [الشعراء: ١٠، ١١]، وقال في فرعون: ﴿إِنَّهُ طَغَى﴾ [طه: ٢٤]، ﴿إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [القصص: ٤]، ﴿إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الدخان: ٣١]، فأخبر أنه ظالم وطاغ ومفسد هو وقومه وهذه أسماء ذم الأفعال، والذم إنما يكون في الأفعال السيئة القبيحة، فدل ذلك على أن الأفعال تكون قبيحة مذمومة قبل مجيء الشرع بحسنها وقبحها.

وكذلك قول لوط لقومه: ﴿أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف: ٨٠]، فدل على أنها كانت فاحشة عندهم قبل أن ينهاهم عنها (١).

الثاني: أمره سبحانه المشركين بالتوبة والاستغفار مما هم عليه، كما قال تعالى: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ﴾ [هود: ٦١].

وقال تعالى: ﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ (٥٠) يَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٥١) وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ [هود: ٥٠ - ٥٢].


(١) انظر: درء التعارض (٨/ ٤٩٣)، ومجموع الفتاوى (١١/ ٦٧٨ - ٦٨١) و (٢٠/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>