للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: المخالفون لأهل السنة في هذه القاعدة، والرد عليهم.]

خالف أهلَ السنة والجماعة في هذه القاعدة طوائفُ من المخالفين (١):

الطائفة الأولى: وهم القدرية الغلاة والفلاسفة الذين ينفون علمه بالمحدَثات إلا بعد حدوثها، وقد سبقت حكاية مذهبهم والرد عليها فأغنى عن إعادته هنا.

الطائفة الثانية: ما ذهب إليه الجهم بن صفوان، فقد ذهب إلى إثبات علوم حادثة لله سبحانه، وأن المعلومات إذا تجددت أحدث الباري سبحانه علومًا متجددة لا في محل، بها يعلم العلوم الحادثة، ثم العلوم تتعاقب حسب تعاقب المعلومات في وقوعها متقدمة عليها، وكلها لا في محل (٢)، ووافق جهمًا على هذا القول: هشَام بن الحَكم (٣).

واستدل جهم على مقالته هذه بأن العلم بأن الشيء سيقع غير العلم بأنه وقع، فالله سبحانه لو علم الشيء قبل حدوثه بالعلم القديم، ثم وقع فإنه لا يخلو: إما أن يبقى علمه بهذا الشيء على ما هو عليه، أو لا يبقى، فإن كان الأول فهو جهل، لثبوت الفرق بين العلم بالشيء واقعًا والعلم بأنه سيقع،


(١) انظر: جامع الرسائل (١/ ١٧٧ - ١٧٩).
(٢) انظر: الإرشاد للجويني (٩٦)، ونهاية الإقدام (٢١٥)، وانظر كذلك: الفرق بين الفرق (١٨٦)، والفصل (٥/ ٧٣)، والتبصير في الدين (١٠٨).
(٣) هو: أبو محمد، هشام بن الحكم الشيباني بالولاء، الكوفي الرافضي المشبه، ولد بالكوفة، له كتب منها: "الإمامة"، و"القدر"، مات بالكوفة سنة (١٩٠ هـ).
انظر: سير أعلام النبلاء (١٠/ ٥٤٣)، ولسان الميزان (٨/ ٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>