للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة الثالثة: شرح القاعدة.]

هذه القاعدة مرتبطة بالقاعدة السابقة ومتممة لها، إذ من مقتضى إثبات سببية الشيء إثبات أنه مؤثر؛ إذ لا معنى للسبب إلا أن يكون مؤثرًا في مسبَّبه - كما تقدم -.

وقبل الشروع في بيانها لا بد من بيان معنى التأثير.

التأثير لغةً: مصدر أثر، وهو: إبقاء الأثر في الشيء. يقال: أثَّر في الشيء: أي ترك فيه أثرًا، والأثر هو بقية الشيء والجمع آثار وأُثُور (١).

وهذه القاعدة متضمنة لمسائل أربع:

[المسألة الأولى: ثبوت تأثير الأسباب.]

والكلام فيها في مقامين، عام وخاص.

أما المقام العام: فهو في ثبوت تأثير الأسباب على وجه العموم.

فقد خلق الله المخلوقات وأودع فيها قوى وطبائع؛ فجعل في الماء قوة التبريد، وفي النار قوة الإحراق، وفي الطعام قوة الإشباع وهكذا، ولهذه القوى خصيصة وهي أنها ذاتية في الشيء؛ فالإبصار في العين وصف ذاتي لها؛ فهي مبصرة بخلقتها التي خلقها الله عليها.

فالتأثير المراد هنا هو التأثير الكامن في الأسباب، قبل أن تلاقي مسبَّباتها؛ وهذا هو التأثير بالقوة، فإذا لاقتها، أثرت فيها تأثيرًا خاصًّا، وهو:

المقام الخاص: التأثير بالفعل، وهو تأثير السبب في المسبَّب المعين على


(١) انظر: الصحاح (٢/ ٥٧٦)، ولسان العرب (٥/ ٦٠)، مادة: (أثر).

<<  <  ج: ص:  >  >>