للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئًا) (١).

فقيد النبي نيل الموحدين لشفاعته في الآخرة - التي هي سبب لمغفرة الذنوب ونيل الخيرات - بمشيئة الله ﷿، فدل على أنها سبب غير تام، وهذا مع كونها من أقوى الأسباب في تحقيق مسبَّبها - كما لا يخفى - والله المستعان.

بل قيد النبي وجود السبب نفسه الذي هو تخبئة الشفاعة إلى يوم القيامة بمشيئة الله - كما في لفظ آخر للحديث - بقوله: (فأريد إن شاء الله أن أختبي دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة) (٢).

فإذا كان السبب لا قيام له بنفسه، ولا وجود بغير مشيئة الله، فكيف يكون له تأثير تام في مسبَّبه إلا بمشيئته ﷿؟

وأما الإجماع، فممن حكاه شيخ الإسلام، قال : ". . . وليس شيء من الأسباب مستقلًا بالفعل، بل هو محتاج إلى أسباب أخر تعاونه، وإلى دفع موانع تعارضه، ولا تستقل إلا مشيئة الله تعالى. . . وهذا الذي عليه سلف الأمة وأئمتها وجمهورها" (٣).

وأما الحس: فلأننا نشاهد تخلف المسبَّبات مع انعقاد أسبابها، ولو كانت أسبابها موجبة لها بمجردها لما تخلفت.


(١) رواه البخاري: كتاب الدعوات، باب لكل نبي دعوة مستجابة (٨/ ٦٧) ح (٦٣٠٤)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب اختباء النبي دعوة الشفاعة لأمته (١/ ١٨٩) ح (١٩٩).
(٢) رواه البخاري: كتاب التوحيد، باب في المشيئة والإرادة (٩/ ١٣٩) ح (٧٤٧٤).
(٣) درء التعارض (١٠/ ١١٥)، وانظر: الصفدية (١/ ١٥٤ - ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>