وأما في الفطرة، فلأن المؤاخذة بالذنب أمر مستقر في فطر الخلق، فلا ينفع المسيءَ اعتذارُه بكون فعله مجرد أمارة على حصول الإساءة، وليس له تأثير فيها، بل يزيده ذلك جرمًا ويكون سببًا لمزيد العقوبة عليه، لكونه استخف بفطر الناس وعقولهم، ولو كان صادقًا في كونه غير مؤثر في الإساءة لعُذر ولم يعاقَب.
وأما الجزئية الثانية، فيدل عليها الكتاب والسنة والإجماع والحس.
أما الكتاب: ففي مثل قوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [المدثر: ٥٥، ٥٦].
فذكرهم لا يمكن وجوده - مع إتيانهم بأسبابه - إلا أن يشاء الله، ولو كان سببًا تامًا لما توقف على المشيئة.