للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النار بالأعمال (١).

[المسألة الثالثة: ثبوت تأثير الأسباب لا ينافي التوحيد، بل يقرره ويؤيده.]

أما كون ذلك لا ينافي التوحيد فلأمور:

الأول: أن هذه الأسباب إنما وجدت بإيجاد الله سبحانه لها ولولا مشيئته لها لما وجدت.

الثاني: أنه سبحانه هو الذي نصبها طرقًا موصلة إلى مسبباتها، وهو سبحانه الذي أودع فيها القوة التي بها تؤثر في مقدورها، فالكل منه سبحانه.

الثالث: أن تأثيرها ليس تامًّا، بل ناقصٌ جزئيٌّ، وهو محتاج مع ذلك إلى أسباب أخرى معينة، ومحتاج إلى دفع الموانع، وما كان كذلك امتنع أن يكون له من نفسه شيء.

قال ابن القيم : "ويا لله العجب! إذا كان الله خالق السبب والمسبب، وهو الذي جعل هذا سببًا لهذا، والأسباب والمسببات طوع مشيئته وقدرته، منقادة لحكمه، إن شاء أن يبطل سببية الشيء أبطلها، كما أبطل إحراق النار على خليله إبراهيم، وإغراق الماء على كليمه وقومه، وإن شاء أقام لتلك الأسباب موانع تمنع تأثيرها مع بقاء قواها، وإن شاء خلَّى بينها وبين اقتضائها لآثارها، فهو سبحانه يفعل هذا وهذا وهذا؛ فأي قدح يوجب ذلك في التوحيد، وأي شرك يترتب على ذلك بوجه من الوجوه؟ " (٢).

وأما كونه مقررًا للتوحيد، فلأمور كذلك:


(١) انظر: الداء والدواء (٢٨ - ٢٩)، ومدارج السالكين (٣/ ٥٠٠).
(٢) شفاء العليل (٢/ ٥٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>