للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: المخالفون لأهل السنة في هذه القاعدة، والرد عليهم.]

خالف في هذه القاعدة كل من القدرية والجبرية، بعد اتفاقهم على أمرين:

- نفي القسمة في الإرادة إلى كونية وشرعية.

- وأن المراد بالإرادة المحبة.

فذهب القدرية إلى أن الأمر يستلزم الإرادة، بل الإرادة هي نفس الرضا والمحبة، فكل ما أمر الله به فقد أراده، وكل ما أراده فقد أمر به وأحبه.

وذلك أن الإرادة عندهم مرادفة للمحبة، ولذلك فإن ما حدث من الأفعال التي لا يحبها الله سبحانه كالكفر والفساد والمعاصي؛ فإنها إنما تحدث بغير إرادته سبحانه.

وبناء على ذلك فإنه سبحانه لا يريد الكفر ولا الفساد ولا المعاصي، وأن ما يحدث من ذلك إنما يحدث بدون إرادته ومشيئته، وإنما قالوا بعدم مشيئته للأعمال الصالحة والمباحات طردًا للأصل؛ إذ كلها من باب واحد.

قال القاضي عبد الجبار: "وأحد ما يدل على أن الله تعالى لا يجوز أن يكون مريدًا للمعاصي؛ هو أنه لو كان مريدًا لها لوجب أن يكون محبًّا لها وراضيًا بها، لأن المحبة والرضا والإرادة من باب واحد، بدلالة أنه لا فرق بين أن يقول القائل أحببت أو رضيت، وبين أن يقول: أردت، حتى لو أثبت أحدهما ونفى الآخر لعُد متناقضًا" (١).

فالإرادة والمحبة والرضا - عندهم - متفقة في المعنى حقيقة (٢).


(١) شرح الأصول الخمسة (٤٦٤).
(٢) انظر: المصدر السابق (٤٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>