للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أن الأسباب هي دلائل التوحيد، فبها عرف الله سبحانه، فعرفت ربوبيته، وعرفت أسماؤه وصفاته، وعرف استحقاقه للعبادة.

الثاني: أن الأسباب هي محل التوحيد، فبها يُعبد الله سبحانه ويُوحد، وبها يجازي على التوحيد.

فعاد أمر التوحيد إلى الأسباب، ولذلك كان القرآن - الذي أنزل لتقرير التوحيد، وكل آية فيه متضمنة للتوحيد شاهدة به داعية إليه (١) - مملوءًا بذكر الأسباب، بل هو من أعظم الكتب إثباتًا للأسباب (٢).

قال ابن القيم : "وبالأسباب عرف الله، وبها عُبد الله، وبها أطيع الله، وبها تقرب إليه المتقربون، وبها نال أولياؤه رضاه وجواره في جنته، وبها نصر حزبه ودينه وأقاموا دعوته، وبها أرسل رسله وشرع شرائعه، وبها انقسم الناس إلى سعيد وشقي، ومهتد وغوي" (٣).

[المسألة الرابعة: ثبوت تأثير الأسباب لا يعني الاعتماد عليها.]

إذا ثبت أن للأسباب تأثيرًا في مسبباتها، وأنه لا بد من الأخذ بها، وأن الاستغناء عنها ممتنع؛ فيجب أن يعلم أنه لا يجوز الركون إليها والاعتماد عليها في تحصيل المسببات دون الله سبحانه، فلا يطمئن إليها ولا يثق بها ولا يرجوها ولا يخافها، بل يأتي بها، مع اعتماد القلب على خالقها وهو الله ﷿.

وذلك لأن هذه الأسباب لا تعدو كونها جزءًا من أسباب الفعل، والسبب


(١) انظر: مدارج السالكين (٣/ ٤٤٩ - ٤٥٠).
(٢) انظر: شفاء العليل (٢/ ٥٣٤).
(٣) مدارج السالكين (٣/ ٤٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>