للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: المخالفون لأهل السنة في هذه القاعدة، والرد عليهم.]

خالف أهل السنة في هذه القاعدة طوائف من المخالفين.

فذهبت الجهمية إلى إنكار الاستطاعة من أصلها، وقالوا: ليس للعبد قدرة على فعله ولا استطاعة، وهذا بناءً على قولهم بأن العبد مجبور على فعله.

حكى عنه ذلك أهل المقالات، فقال البغدادي: "الجهمية أتباع جهم بن صفوان الذي قال بالإجبار والاضطرار إلى الأعمال، وأنكر الاستطاعات كلها" (١).

وقال الإسفراييني: "وكان من مذهبه أن لا اختيار لشيء من الحيوانات في شيء مما يجري عليهم، فإنهم كلهم مضطرون لا استطاعة لهم بحال" (٢).

وقال الشهرستاني: "ومنها: قوله في القدرة الحادثة: إن الإنسان لا يقدر على شيء ولا يوصف بالاستطاعة، وإنما هو مجبور في أفعاله لا قدرة له ولا إرادة ولا اختيار" (٣).

وحكاه ابن حزم عن طائفة من الأزارقة أيضًا (٤).


(١) الفرق بين الفرق (١٨٦).
(٢) التبصير في الدين (١٠٧).
(٣) الملل والنحل (٩٨).
(٤) انظر: الفصل (٣/ ٣٣)، والأزارقة: طائفة من الخوارج أتباع نافع بن الأزرق الحنفي، لهم مقالات فارقوا بها المحكمة الأولى وسائر الخوارج، منها: أنهم يقولون أن من خالفهم من هذه الأمة فهو مشرك، ومن لم يهاجر إليهم فهو مشرك وإن كان على معتقدهم، وأطبقوا على أن ديار مخالفيهم ديار الكفر وأن قتل نسائهم وأطفالهم مباح وأن رد أماناتهم لا يجب، وحرَّموا قتل من انتمى إلى اليهود أو النصارى أو المجوس، وأسقطوا الرجم عن الزاني، وجوزوا أن يبعث الله تعالى نبيًّا يعلم أنه يكفر بعد نبوته أو كان كافرًا قبل البعثة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>