للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: المخالفون لأهل السنة في هذه القاعدة، والرد عليهم.]

لم يخالف في تنزه قضاء الرب سبحانه عن الشر أحد من المنتسبين إلى الإسلام، إلا ما نسب إلى الجهم بن صفوان، من أن الله سبحانه يخلق الشر المحض الذي لا خير فيه ولا مصلحة لأحد، وقد عزى هذا القول إليه الإمامان: شيخ الإسلام وابن القيم - رحمهما الله - (١).

وهذا قول باطل مجانب لأصول الإسلام القاضية بتنزه الرب سبحانه عن النقص واتصافه بالكمال.

وأما سائر الفرق المنتسبة إلى الإسلام فعلى القول بتنزيه الرب سبحانه عن أن يكون في قضائه شر، والخلاف مع طائفتين:

الأولى: المعتزلة، فقد ذهبوا إلى أن الشرور الواقعة في العالم قسمان:

- الشرور المتعلقة بأفعال العباد وما تولد منها، فهذه عندهم غير مخلوقة لله سبحانه، فليست مما يدخل في القضاء الإلهي أصلًا.

- الشرور التي لا تعلق لها بأفعال العباد كالأمراض والآلام والسموم وإبليس ونحوها؛ فهذه كلها عندهم حسنة لما فيها من اللطف المصلحة العاجلة والآجلة، وإنما يقال فيها أنها سيئات وشرور مجازًا لا حقيقة (٢).

ولذا فقد عرفوا الخير بأنه النفع الحسن وما يؤدي إليه، والشر هو الضرر القبيح وما يؤدي إليه.

والضرر القبيح هو الضرر المحض الذي لا خير فيه ولا عاقبة حسنة،


(١) انظر: مجموع الفتاوى (١٤/ ٢٩٩)، وطريق الهجرتين (١/ ٣١٤).
(٢) انظر: طريق الهجرتين (١/ ٣١٤)، ومقالات الإسلاميين (١/ ٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>