للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الضرر الحسن فليس بشر، وإنما هو خير لما تضمنه من نفع عظيم وعواقب حميدة.

قال القاضي عبد الجبار مبينًا مذهب المعتزلة في هذا: "فإن قيل: أليس المعلوم على لسان الأمة أن الخير والشر من الله وأن الخير والشر بقضاء الله وقدره؟ ولا شر أعظم من الكفر والمعاصي؛ فقولوا: إنهما من الله، وإلا خرجتم عن الإجماع.

قيل: إن الخير هو النفع الحسن وما يؤدي إليه، والشر هو الضرر القبيح وما يؤدي إليه في الأصل، ويجري على غيره مجازًا، ولذلك لا يقال في الضرر الحسن إنه شر، ولذلك لا نصف ما يفعله الله تعالى من العقاب في الآخرة ولا ما أمر به في الدنيا من الذم وإقامة الحدود وغيرها بأنه شر، وعلى هذا الوجه لا يوصف الله تعالى بأنه شرير، وإن أكثر من المضار الحسنة" (١).

وقال أيضًا: "فأما قول القائل في الشر إنه بقضاء الله، فمتى أراد به الأمراض والفقر فهو مصيب بالإضافة، مخطئ في وصفه بأنه شر بالإطلاق، وإن أراد المعاصي من أفعال العباد فهو مصيب بأنه شر، مخطئ بالإضافة بالإطلاق" (٢).

وفرَّعوا على تقريرهم هذا مذهبهم في العوض عن الآلام - على ما سيأتي بيانه -.


(١) فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة (١٧٨ - ١٧٩)، وانظر: المختصر في أصول الدين (ضمن رسائل العدل والتوحيد) (٢٤١).
(٢) فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة (١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>