للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة الثانية: الأدلة على القاعدة.]

دل على هذه القاعدة الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة.

أما أدلة الكتاب والسنة فهي أكثر من أن تحصر، قال الإمام ابن القيم "أفعاله سبحانه صادرة عن حكمة بالغة لأجلها فعل، كما هي ناشئة عن أسباب بها فعل، وقد دل كلامه وكلام رسوله على هذا وهذا في مواضع لا تكاد تحصى، ولا سبيل إلى استيعاب أفرادها" (١).

ومن أنواع هذه الأدلة:

الأول: التصريح بلفظ الحكمة وما تصرف منه، كقوله تعالى: ﴿حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ﴾ [القمر: ٥]، وقوله: ﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [النساء: ١١٣]، وقوله: ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ [البقرة: ٢٦٩].

الثاني: إخباره أنه فعل كذا لكذا، وأنه أمر بكذا لكذا، كقوله: ﴿ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ [المائدة: ٩٧]، وقوله: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطلاق: ١٢]، وقال: ﴿جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [المائدة: ٩٧].


(١) وقال في مفتاح دار السعادة (٢/ ٣٦٣): "والقرآن وسنة رسول الله مملوآن من تعليل الأحكام بالحكم والمصالح، وتعليل الخلق بهما، والتنبيه على وجوه الحكم التي لأجلها شرع تلك الأحكام ولأجلها خلق تلك الأعيان، ولو كان هذا في القرآن والسنة في نحو مئة موضع أو مئتين لسقناها، ولكنه يزيد على ألف موضع بطرق متنوعة".

<<  <  ج: ص:  >  >>