للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثالث: الفرق بن القدر والقضاء]

قبل بيان الفرق بينهما يحسُن أن يُعرَّف معنى القضاء لغةً.

فالقضاء: مصدر قَضى يَقْضي قَضَاءً، بالمدِّ ويُقصر؛ وهو في اللغة على ضروب من المعاني؛ كلُّها تَرجع إلى معنى انقطاع الشيء وتمامِه، فكل ما أحكم عمله أو أتم أو ختم أو أدي أو أوجب أو أعلم أو أنفذ أو أمضي فقد قضي.

ومن معانيه كذلك: القطع والفصل والصنع والتقدير والحتم والأمر والوصية والعهد (١).

وأما الفرق بينه وبين القدر:

فقبل تحرير الفرق بينهما لا بد من التنبيه على أمرين:

١) أن الخلاف في هذه المسألة يسير ولا يترتب عليه كبير أثر.

٢) أن مجال البحث إنما هو القضاء الكوني القدَري، لا الدِّيني الشرعي.

قد اختلف أهل العلم في الفرق بينهما على قولين:

القول الأول: أنه لا فرق بينهما، أي هما مترادفان، فالقضاء هو القدر، والقدر هو القضاء؛ فإن القدر في اللغة مرجعه إلى مَبْلَغ الشيء وكُنهه ونهايته، والقضاء مرجعه إلى انقطاع الشيء وتمامِه كذلك.

وأيضًا هما كذلك في لسان الشرع؛ فإن الشارع يستعمل أحدهما مكان الآخر، فقد استعملهما جميعًا في التقدير السابق، كما سيأتي في أدلة القول الثاني.

وهما كذلك في كلام السلف، ومن ذلك:


(١) انظر: تهذيب اللغة (٩/ ٢١١)، ولسان العرب (٢٠/ ٤٦)، والكليات (٧٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>