للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: المخالفون لأهل السنة في هذه القاعدة والرد عليهم.]

خالف أهل السنة في هذه القاعدة: الفلاسفة والمعتزلة والأشاعرة.

أما الفلاسفة؛ فمذهبهم أن السبب مقتض ضرورةً لمسببه، وأنه يصدر عنه بلا اختيار ولا إرادة.

وهم يبنون مذهبهم في الأسباب على نظرية الفَيْض أو الصُّدُور الأفلوطينية، والصدور والفيض مصطلحان مترادفان (١)، فالفيض هو: القول بأن العالم يفيض عن الله كما يفيض النور عن الشمس، أو الحرارة عن النار فيضًا متدرجًا (٢)، والصدور هو: فيض الموجودات عن الواحد أو الخير، لأن الواحد عندهم يحدث العقل، ثم يحدث النفس، والعالم، والموجودات الفردية، على سبيل التتابع، مرتّبة بعضها فوق بعض (٣).

فنظرية الفيض عند الفلاسفة مقابلة لعقيدة الخلق عند أهل الأديان (٤)، فعند هؤلاء أن الله سبحانه خلق العالم، وعند الفلاسفة أن العالم فاض عنه بلا إرادة ولا مشيئة منه لذلك.

قال الفَارَابي (٥): "القول في كيفية صدور جميع الموجودات عنه: والأول


(١) انظر: المعجم الفلسفي لمجمع اللغة العربية بمصر (١٠٦)، والمعجم الفلسفي لجميل صليبا (٢/ ١٧٣).
(٢) انظر: المعجم الفلسفي لجميل صليبا (٢/ ١٧٣).
(٣) انظر: المصدر السابق (١/ ٧٢٤).
(٤) انظر: المصدر السابق (٢/ ١٧٢).
(٥) هو: أبو نصر، محمد بن محمد بن طرخان بن أوزلغ الفارابي الفيلسوف، ويعرف بالمعلم الثاني، قال الذهبي: "له تصانيف مشهورة، من ابتغى الهدى منها ضل وحار، منها تخرج ابن سينا، نسأل الله =

<<  <  ج: ص:  >  >>