المراد من هذه القاعدة بيان انقسام العلم إلى ما هو سبب في وجود المعلوم وما هو غير سبب فيه، وقد ذكر بعض أهل العلم هذه المسألة معبرين عنها بتأثير العلم، فذكروا أن العلم - باعتبار التأثير - ينقسم إلى قسمين:
الأول: العلم العملي؛ وهو ما كان شرطًا في حصول المعلوم، ووجود المعلوم بدونه ممتنع، وهو علم الفاعل المختار بما يريد أن يفعله، وهو شرط في إرادة المعلوم، لأن الإرادة مشروطة بتصور المراد، ويسمى كذلك: العلم الفعلي، وهذا العلم طلبي، ولا يكون إلا متقدمًا على الفعل، ولا يمكن أن يتأخر عنه، لأنه شرط فيه، وسبب له.
والثاني: العلم الخبري النظري المحض؛ وهو ما كان المعلوم فيه غير مفتقر في وجوده إلى العلم به، وهو العلم بما لا يفعله العالم، وما ليس علمه به شرطًا في وجوده، ويسمى أيضًا: العلم الانفعالي، وهذا النوع قد يكون متقدمًا على المعلوم، وقد يكون متأخرًا عنه (١).
وهذا التقسيم للعلم هو من حيث كونه علمًا، أي سواء تعلق بالله تعالى أو بالمخلوق.
فمن علم الله ﷾ ما هو مؤثر في وجود المعلوم وشرط له، كعلمه ﷾ بمخلوقاته؛ فإنه شرط في وجودها، ومنه ما ليس مؤثرًا فيه كعلمه
(١) انظر: درء التعارض (١/ ٨٨) و (٩/ ٣٩٠ - ٣٩٢) و (١٠/ ١١٢)، وجامع الرسائل (١/ ١٧٢) و (٢/ ٣٩٥ - ٣٩٦)، ومجموع الفتاوى (١٩/ ١٢٩ - ١٣٠) ومفتاح دار السعادة (١/ ٣١٤ - ٣١٥).