للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبحانه بنفسه وما يجب له من صفات الكمال.

وكذا من علم المخلوق ما هو مؤثر في معلومه، كعلمه بما يريد فعله من قيام أو صلاة أو كتابة ونحو ذلك، ومنه ما لا يؤثر، كعلمه بوحدانية الله وأسمائه وصفاته وصدق رسله وبملائكته وكتبه وغير ذلك، فإن هذه المعلومات ثابتة في نفسها سواء علمها أو لم يعلمها، فهي مستغنية عن علمه بها (١).

قال شيخ الإسلام بعد كلامه عن انقسام علمنا إلى مؤثر وغير مؤثر -: "وهذا التقسيم ثابت في علم الله تعالى؛ فإنه يعلم نفسه، ويعلم مخلوقاته أيضًا، والأول علم بموجود، والثاني علم بمقصود" (٢).

وكل من هذين القسمين مستلزم للآخر؛ بمعنى أنهما يجتمعان في كل علم.

أما استلزام العلم الخبري النظري للعلم العملي؛ فلأن العلم لا بد أن يتبعه أثر ما وعمل ما على العالِم، من حب أو بغض أو غيرهما، فيكون - مع كونه تابعًا للمعلوم - متبوعًا مؤثرًا من هذه الجهة، لكن لا يجب أن يكون تأثيره في نفس المعلوم، بل يكون في أحوال تتعلق بالمعلوم من حب أو بغض أو إرادة ونحو ذلك.

مثاله: العلم بالله هو علم خبري تابع للمعلوم، فمن آمن بالله فأحبه؛ كان علمه مؤثرًا، لكن تأثيره ليس في نفس المعلوم، وإنما في محبته وإرادته، وكذا العلم بالشيطان؛ هو علم خبري تابع غير مؤثر فيه، لكنه مؤثر في بغضه وكراهيته لمن عرفه.


(١) انظر: درء التعارض (١/ ٨٨).
(٢) جامع الرسائل (٢/ ٣٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>