للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة الثالثة: شرح القاعدة.]

البحث في هذه القاعدة والتي بعدها هو في مسألة الأسباب، وهي مسألة عظيمة، وتأتي أهميتها من أمور:

الأول: أن القيام بها محض العبودية (١).

فإن عبودية الله تكون بفعل أوامره، وترك نواهيه، وكلاهما في حقيقة الأمر أسباب يأتي بها العبد وأسباب يتجنبها؛ إذ أنهما أعمال، والأعمال أسبابٌ شرعية يقوم بها العبد لنيل رضوان ربه. فهما محل العبودية من العبد لله ﷿، هذا وجه.

ووجه آخر: وهو أن القيام بهذه الأسباب أمرًا ونهيًا - وهذه هي العبودية - لا يكون إلا بالقيام بأسبابها، فالصلاة التي هي أعظم واجبات العبودية بعد التوحيد، - مع كونها سببًا - تحتاج إلى أسباب حتى يتأتى القيام بها.

ووجه ثالث: وهو أن هذه الأوامر والنواهي التي يأتي بها العبد بالأسباب هي أسباب للفلاح أو عدمه، فعاد الأمر للأسباب عبودية وجزاءً.

الثاني: أنه لا بد للخلق منها، والتجرد منها ممتنع عقلًا وشرعًا وحسًّا (٢).

فاتخاذ الأسباب أمر معلوم من الدين بالضرورة؛ لما استفاض وتواتر في النصوص من ترتب النجاة على التقوى والعبادة والطاعة لله ﷿، وهذا ممتنع بدون إثبات الأسباب، لأنها محل العبودية - كما تقدم -.

وقد تقدم في الأدلة أن العقل والحس والفطرة مع الشرع قد دل على


(١) انظر: مدارج السالكين (٢/ ١٣٠).
(٢) انظر: المصدر السابق (١/ ٥٣٧)، وطريق الهجرتين (٢/ ٥٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>