مراد أهل السنة بالتحسين والتقبيح أن الأفعال مشتملة على أوصاف تكون بها حسنة أو قبيحة، وهذه الأوصاف ذاتية لهذه الأفعال، ولكونها ذاتية؛ فإن العقل يدركها، ويحكم بها، ولا يتوقف إدراكها على ورود الشرع بحسنها وقبحها.
وذلك أن الحسن والقبح عندهم يرجعان إلى كون الشيء نافعًا وضارًّا، أو ملائمًا ومنافرًا؛ فالحسن هو النافع أو الملائم، والقبيح هو الضار أو المنافر.
والحسن والقبح بهذا المعنى لم يختلف في كونه يعلم بالعقل حتى عند نفاة التحسين والتقبيح، وإنما الخلاف في كون هذا الحسن والقبح سببًا للذم والعقاب أو المدح والعقاب بذاته، أم أن ذلك متوقف على ورود الشرع به.
فها هنا معنيان ذُكرا للحسن والقبح:
الأول: الموافقة والمخالفة، فالموافق هو الملائم النافع الحسن، والمخالف هو المنافر الضار القبيح.
الثاني: كون الشيء سببًا للمدح والذم والثواب والعقاب، فالحسن: ما تعلق به المدح والثواب في العاجل والآجل، والقبيح ما تعلق به الذم والعقاب في العاجل والآجل.
وقد ذكر بعضهم معنى ثالثًا، وهو كون الشيء صفة كمال وصفة نقص، وليس بصواب، لأمرين:
١) أن هذا المعنى لم يذكره عامة المتقدمين المتكلمين في هذه المسألة، وإنما ذكره الرازي (١)، وسلفه فيه الفلاسفة.