للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: وجوب إرسال الرسل.

هذه المسألة تتفرع عن المسألتين السابقتين، فقد أوجب المعتزلة على ربهم سبحانه إرسال الرسل لأنه لطف للمبعوث والمبعوث إليهم (١).

قال القاضي عبد الجبار: "إنه قد قرر في عقل كل عاقل وجوب دفع الضرر عن النفس، وثبت أيضًا أن ما يدعو إلى الواجب ويصرف عن القبيح فإنه واجب لا محالة، وما يصرف عن الواجب ويدعو إلى القبيح فهو قبيح لا محالة، إذا صح هذا، وكنا نجوز أن يكون في الأفعال ما إذا فعلناه كنا عند ذلك أقرب إلى أداء الواجبات واجتناب المقبحات، وفيها ما إذا فعلناه كنا بالعكس من ذلك، ولم يكن في قوة العقل ما يعرف به ذلك، ويفصل بين ما هو مصلحة ولطف وبين ما لا يكون كذلك؛ فلا بد أن يعرفنا الله تعالى حال هذه الأفعال كي لا يكون عائدًا بالنقص على غرضه بالتكليف، وإذا كان لا يمكن تعريفنا ذلك إلا بأن يبعث إلينا رسولًا مؤيَّدًا بعلم معجز دال على صدقة؛ فلا بد أن يفعل ذلك، ولا يجوز له الإخلال به" (٢).

بل عندهم أن الله سبحانه إذا علم أن صلاح المكلفين في بعثة شخص واحد بعينه؛ فإنه يجب عليه أن يبعثه بعينه ولا يعدل عنه إلى الغير، وإذا علم أن صلاحهم في بعثة رجلين وجب بعثهما جميعًا، وكذا إذا علم أن صلاحهم في بعث جماعة وجب عليه أن يبعث الكل (٣).


(١) انظر: شرح الأصول الخمسة (٥٧٥).
(٢) انظر: المصدر السابق (٥٦٤).
(٣) انظر: شرح الأصول الخمسة (٥٧٥ - ٥٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>