للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثاني: المخالفون لأهل السنة في هذه القاعدة، والرد عليهم.]

هذه القاعدة - كما تقدم - أصل عظيم من الأصول التي يجب القيام بها حتى يستقيم الاعتقاد الحق في باب القدر، وهذه القاعدة مبناها على مسألة الحكمة؛ إذ الخوض في القدر هو البحث في تعليل أفعال الله، فمن أثبت الحكمة وآزر هذا الإثبات بالعمل بمقتضى هذه القاعدة نجا وأفلح، ومن خاض في القدر فقد ركب المحظور، فإذا انضم إلى ذلك نفي الحكمة والتعليل فهي الحالقة.

ولم يجتمع هذان الأصلان إلا لأهل السنة والجماعة بخاصة، وأما سواهم فهم مخالفون فيهما بين مستقل ومستكثر.

ولما كانت مخالفتهم جميعًا من نفس الباب، وهو الخوض في القدر؛ فسأعرض وجه مخالفة كل طائفة، ثم أتبع ذلك برد عام عليهم.

فقد خاض الأَشَاعرة (١) في القدر، وتشعبت بهم الطرق في باب الحكمة والتعليل، وخلصوا إلى إنكار حكمة الله سبحانه، وأنه تعالى يفعل لمحض


(١) الأشاعرة هم: فرقة من فرق أهل الكلام، تنتسب إلى أبي الحسن الأشعري في طوره الثاني لما انتحل قول ابن كلاب، من أشهر عقائدهم: نفي الصفات إلا صفات سبع، فهم معطلة جهمية، والقول بالإرجاء، والقول بالجبر، وهم في جملة مقالاتهم يتذبذبون بين المعتزلة وأهل السنة، وهم أقرب فرق الضلال إلى أهل السنة وليسو منهم، تطور المذهب الأشعري بعد أبي الحسن وانحرف عن جادة الصواب أكثر، ومن روَّاد هذا الانحراف: الجويني والرازي، فأُدخل عليه أشياء محدَثة، كتقديم العقل على النقل، ومذهب الأشاعرة متذبذب مضطرب.
انظر جملة من عقائدهم في: الملل والنحل (١/ ١٠٦)، وانظر بحثًا عن نشأتهم وعقيدتهم في: موقف ابن تيمية من الأشاعرة (١/ ٤٣٧) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>