للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشيئة وصرف الإرادة، وأنكروا الأسباب، وبناءً على هذا أنكروا ثبوت صفات في الأفعال بها تحسُن وتقبُح، وجوزوا أن يأمر الله بالكفر والشرك والفسوق وأنواع المخالفات، وأن ينهى عن الإيمان والتوحيد وصنوف الطاعات، وهذا مبني عندهم أيضًا على إنكار ما دلت عليه النصوص من انقسام الإرادة إلى كونية وشرعية (١).

وخاض المعْتَزلة (٢) ومن وافقهم في القدر بالباطل، وكان من ثمار هذا الخوض أن أنكروا أن تكون لله سبحانه حكم يرجع إليه منها وصف ويشتق له منها اسم، بل لم يثبتوا إلا حكمة مخلوقة منفصلة عنه سبحانه، وقالوا باستحقاق المكلفين للثواب والمدح على فعل ما حسن في العقل، واستحقاقهم للذم والعقاب على فعل ما قبح في العقل ولو لم يرد بذلك نص.

ثم وقعوا نتيجة خوضهم هذا فيما هو أشد، إذ قاسوا الله سبحانه بخلقه، فأوجبوا اللطف والصلاح والأصلح ونحو ذلك، فاجتمع فيهم نوعان من الخوض المحرم:

- الخوض في أفعال الله سبحانه في التعليل.


(١) سيأتي الكلام على هذه المسائل في مواضعها من البحث بعون الله.
(٢) هم أصحاب واصل بن عطاء الغزال الذي اعتزل مجلس الحسن البصري، من عقائدهم: القول بالقدر، ونفي الصفات والقول بأن أسماء الله أعلام محضة، والقول بخلق القرآن، والقول بأن مرتكب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين، والقول بتخليد عصاة الموحدين في النار، والقول بالخروج على الأئمة، مُضَمَّنة تحت أصول خمسة هي: العدل، والتوحيد، والمنزلة بين المنزلتين، وإنفاذ الوعيد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهم فرق كثيرة. انظر: التنبيه والرد (٣٦)، ومقالات الإسلاميين (١/ ٢٣٥)، والفرق بين الفرق (١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>