للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- قياس أفعال الله سبحانه على أفعال خلقه، فيحسن منه ما يحسن منهم، ويقبح منه ما يقبح منهم، فالمعتزلة مشبهة في الأفعال جهمية في الصفات (١).

وهذا النوع الثاني وقع فيه الأشاعرة أيضًا، فإنهم ما جوزوا أمر الله بالقبيح ونهيه عن الحسن إلا لما انقدحت في أنفسهم مقالة المعتزلة، فأخذت من نفوسهم مأخذًا، فهرعوا إلى إنكارها، على طريقتهم في مقابلة المعتزلة بالضد، فهما طرفا نقيض في هذا الباب.

وخاض الصُّوْفية (٢) هذا الخوض المحرم، وكان من ثمراته عليهم أن أخذوا من معين الأشاعرة نفسه، وهو معين الجَهْم بن صَفْوان (٣) الذي غلا في


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ١٢٥)، وحادي الأرواح (١/ ٢٤)، وسيأتي الكلام على هذه المسائل في مواضعها من البحث بإذن الله.
(٢) الصوفية: نسبة إلى الصوف، وهي الآن فرقة من الفرق المخالفة لطريقة السلف، من أبرز وجوه هذه المخالفة: جعلهم توحيد الربوبية غاية السالكين، مع قولهم إن الأولياء يملكون تصرفًا في الكون، والغلو في المشايخ، وتقديس القبور والأضرحة، والدعاء والاستغاثة بغير الله، وتجويزهم رؤية الله سبحانه في الدنيا، ورفعهم الأولياء فوق الأنبياء، وفريق منهم قال بالقدر، ولم يسلم أحد منهم من مخالفة في القدر، وهم فرق؛ وهم دركات؛ فمنهم القريب إلى أهل السنة ومنهم الغلاة كابن سبعين وابن عربي.
انظر نشأتهم وأطوارهم وحكاية عقائدهم في: موقف ابن تيمية من الصوفية، لمحمد العريفي (١/ ٢١٥) وما بعدها.
(٣) هو: أبو محرز، الجهم بن صفوان الراسبي مولاهم السمرقندي، أسُّ الضلالة ورأس الجهمية، قيل: إن سلَم بن أحوز قتله سنة (١٢٨ هـ).
انظر: سير أعلام النبلاء (٦/ ٢٦)، ولسان الميزان (٢/ ٥٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>