[المسألة الثالثة: معنى هداية الله وإضلاله للخلق.]
هذه المسألة هي لبُّ هذا المبحث، وبيانها من وجهين، عام وخاص.
أما العام: فهو أن الله سبحانه هو المتفرد بهداية الخلق وإضلالهم.
والمراد أنه سبحانه يمن على من شاء من عباده فيوفقهم للصراط المستقيم المتضمن فعل ما أمر به، وترك ما نهى عنه، محبةً له سبحانه وتعظيمًا.
ويخذل من يشاء ويَكِله إلى نفسه فلا يعينه، فيزيغ عن الصراط المستقيم، فيقع في المحرمات ويترك الواجبات.
ومَنُّه بالهداية فضل منه ﷿ وحكمة، وإضلاله عدل وحكمة كذلك.
وأما الخاص: فيكون ببيان كل واحد على حدة.
أما الهدى؛ فيحصل من اجتماع أمرين:
١) هداية الله سبحانه للعبد، وهذا فعل له سبحانه، وهو خلق الهدى ومحبة ما أمر به وبغض ما نهى عنه، اعتقادًا وقولًا وعملًا في قلب العبد، وهذه نعمة دينية من الله للعبد أعانه بها على الهداية.
٢) اهتداء العبد وهذا فعل له هو، وهو أثر فعل الله سبحانه.
وهذا الاهتداء يحصل على وفق هذا الترتيب:
أولًا: معرفة الحق على وجه صحيح.
ثانيًا: جعله مريدًا له مؤثرًا له على ضده.
ثالثًا: خلق القدرة على القيام بموجب هذا الهدى، قولًا وعملًا ونيَّةً.
رابعًا: إدامة ذلك والتثبيت عليه حتى الممات.
قال ابن القيم ﵀: "وهما [أي: هداية الإرشاد وهداية التوفيق]