للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة الثانية: الأدلة على القاعدة.]

دل على انقسام الاستطاعة إلى سابقة مقارنة: الكتاب والسنة.

فمن أدلة الاستطاعة السابقة:

قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧].

فأوجب الحج على المستطيع، ولو لم تكن هذه الاستطاعة سابقةً للفعل غير مقارنة له؛ لما وجب الحج إلا على من وقع منه، وهذا باطل بالضرورة (١).

وقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦].

فأمر بالتقوى وقيدها بالاستطاعة، فلو لم يكن المراد بالاستطاعة السابقة لما استطاع التقوى إلا من اتقى، وهذا باطل كذلك (٢).

وقوله تعالى حاكيًا عن المنافقين: ﴿وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ﴾ [التوبة: ٤٢].

فاعتذروا عن تخلفهم بعدم استطاعتهم الخروجَ معه ، ولو لم يكن المراد بالاستطاعة هنا السابقة لما احتاجوا أن يعتذروا.

وأيضًا لو كان مرادهم الاستطاعة المقارنة لكان اعتذارهم من قبيل الاعتذار عن الشيء بنفسه، فكأنهم يقولون نعتذر على عدم الخروج بأننا لم نخرج، وهذا باطل أيضًا.

ومثله الاستطاعة الواردة في قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ [الأنفال: ٦٠]، وقوله تعالى: ﴿يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ


(١) انظر: منهاج السنة (١/ ٤٠٨)، ومجموع الفتاوى (٨/ ١٢٩ و ٣٧٢)، ورفع الشبهة والغرر (٤٥).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٣٧٢)، ودرء التعارض (٥/ ٩٤)، ورفع الشبهة والغرر (٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>