للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التام والعلة الحقيقية هي مشيئة الله سبحانه، وإذا شاء الله أوجد المسبب بدون هذا السبب، بل إذا شاء سبحانه جعله على ضد مقتضاه - كما تقدم - (١).

فها هنا أربع مراتب:

الأولى: الاعتماد على الأسباب، والالتفات بالقلب إليها.

الثانية: محوها من أن تكون أسبابًا وإنكارها.

الثالثة: الإعراض عنها وإهمالها.

الرابعة: الإتيان بها، وتنزيلها منازلها، ومدافعة بعضها ببعض، وتسليط بعضها على بعض، مع تعلق القلب بخالقها سبحانه دونها.

فالأولى: شرك في التوحيد، والثانية: نقص في العقل، والثالثة: مخالفة للشرع وقدح فيه، والرابعة هي مقتضى التوحيد والشرع والعقل.

وهذا معنى قول بعض أهل العلم: الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد، ومحو الأسباب أن تكون أسبابًا نقص في العقل، والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع، وإنما التوكل والرجاء معنى يتألف من موجب التوحيد والعقل والشرع (٢).

والحاصل أن الأسباب مؤثرة على الحقيقة في إيجاد مسبباتها تأثيرًا ناقصًا


(١) انظر: منهاج السنة (٥/ ٣٦٦).
(٢) انظر: منهاج السنة (٥/ ٣٦٦)، ومدارج السالكين (١/ ٢٤٣ - ٢٤٤)، ومفتاح دار السعادة (٣/ ٣٧٧ - ٣٧٨).
وممن قال ذلك: أبو حامد الغزالي، انظر: إحياء علوم الدين (٤/ ٢٣٨)، وابن الجوزي كما نقله عنه شيخ الإسلام في مواضع منها: منهاج السنة (٥/ ٣٦٦)، وبغية المرتاد (٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>