﷾ يخبر بحصول علم له بشيء بعد وقوعه أن ذلك العلم كان مسبوقًا بجهل، بل علمه سبحانه علم تام كامل لم يسبق بجهل ولا يلحقه نسيان ولا تعتريه أي صورة من صور النقص، ومن كمال علمه سبحانه: علمه بالشيء قبل وجوده، وعلمه به بعد وجوده، قال شيخ الإسلام ﵀:"وقد أخبر بعلمه المتقدم على وجوده، ثم لما خلقه علمه كائنًا مع علمه الذي تقدم أنه سيكون؛ فهذا هو الكمال"(١).
الثالث: أن علم الله ﷿ هو علم بالشيء على ما هو عليه، فإذا علم الله ﷾ وقوع شيء على صفة ما؛ كأن يعلم أن زيدًا يقتل عمرًا بسيف؛ فلا بد أن يقع معلومه، بأن يَقتل زيدٌ عمرًا، على الصفة نفسها وبالسيف نفسه، ولا يمكن ألا يُقتل عمرو، أو أن يُقتل بسكين مثلًا.
فالقتل - على هذه الصفة - برز من عالم الغيب إلى عالم الشهادة، بأن صار واقعًا بعد أن كان مقدرًا.
وبعلمه سبحانه به بعد وقوعه، لم يحصل له علم لم يكن موجودًا، وإنما هو العلم السابق، مع علم آخر هو علم بوقوع القتل في الوجود وخروجه إلى عالم الشهادة بعد أن كان مقدَّرًا، يوضحه:
الرابع: أن متعَلَّق العِلْمين مختلف، فالعلم السابق يتعلق بالمقدَّر، وعلم الظهور يتعلق بالموجود، فاختلاف متعلقهما يدفع تنافيهما ويردُّه.
فالحاصل أن علم الظهور لا ينافي علم الله السابق، والله أعلم.