للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال عبد الرحمن بن مهدي: "المعاصي بقدر" (١).

وقال الإمام أحمد : "الخير والشر بقدر، والطاعة والمعصية بقدر، وأفاعيل العباد كلها بقدر" (١).

والاحتجاج بالقدر على المعاصي يتناول معنيين:

الأول: الاحتجاج به عليها بما يضاد الشرع.

الثاني: الاحتجاج به عليها بما لا ينافي الشرع.

أما الاحتجاج به عليها بما يضاد الشرع، فهو المتبادر من المعنى، سواء عند أهل السنة أو عند خصومهم.

وصورة هذا الاحتجاج هي أن يرتكب العبد المخالفة، ثم يعتذر ويحتج على من ينكر ذلك عليه بسبق المقادير، وأنه لا حيلة في دفع القدر، قصدًا منه لرفع اللوم والعقوبة عن نفسه.

وهذا النوع من الاحتجاج محرم لا يجوز، وهو باطل بالشرع والعقل من وجوه كثيرة:

أما الشرع، فقد ردَّ اللهُ سبحانه هذه الشبهة على أصحابها، من ذلك قوله سبحانه: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (١٤٨) قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الأنعام: ١٤٨، ١٤٩].

وهذه الآية أصل عظيم في الاستدلال على بطلان الاحتجاج بالقدر على


(١) السنة للخلال (٣/ ٥٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>