للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعاصي، وهي فيصل بين أهل السنة والقدرية.

قال ابن عباس : ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا﴾ حتى بلغ: ﴿فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾، والعجز والكيس من القدر" (١).

وقال علي بن زيد : "انقطعت حجة القدرية عند هذه الآية: ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (٢).

أخبر سبحانه في هذه الآية أولًا أنها حجة المشركين، وكفى بها قبحًا ودحضًا أنها حجة المشركين، ثم ساق هذه الشبهة، ومفادها: "أن الله مطلع على ما هم فيه من الشرك والتحريم لما حرموه، وهو قادر على تغييره بأن يلهمنا الإيمان، أو يحول بيننا وبين الكفر، فلم يغيره، فدل على أنه بمشيئته وإرادته ورضاه منا ذلك" (٣).

فما نرتكبه من الشرك والتحريم وغيرهما تعلقت به مشيئة الله تعالى، وكل ما تعلقت به مشيئته سبحانه وإرادته فهو مشروع ومرضي عنده ﷿؛ فينتج أن ما نرتكبه من الشرك والتحريم مشروع ومرضي عند الله تعالى (٤).

ثم شرع في ردها بأن هذه الحجة هي عين حجة الأقوام السابقة من الكفار التي ضلوا بسببها، وهي لم تنفعهم لأنهم عوقبوا، إذ لو نفعتهم لما عوقبوا.


(١) رواه عبد الرزاق (١١/ ١١٤) رقم (٢٠٠٧٣)، والحاكم (٢/ ٣١٧) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
(٢) انظر: الدر المنثور (٦/ ٢٥٠).
(٣) تفسير ابن كثير (٦/ ٢٠٤).
(٤) انظر: روح المعاني (٨/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>