للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصلح أن يشاء فهو عليه قدير، وإن شئت قلت: قدير على كل ما يصلح أن يقدر عليه، والممتنع لذاته ليس شيئًا باتفاق العقلاء" (١).

والأصل الجامع في هذا الباب: قوله : ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: ٢٠]، وذلك أن (شيء) في الأصل مصدر شاء يشاء شيئًا، ثم وضعوا المصدر موضع المفعول فسمَّوا المشيء شيئًا، فيكون المعنى: على كل مشيء قدير - سواء كان شيئًا في الخارج أو في العلم فقط - أي: على كل ما يُشاء قدير، فأثبت قدرته على كل ما يُشاء، وجواز مشيئته لكل ما هو قادر عليه.

قال شيخ الإسلام : "والشيء في الأصل مصدر شاء يشاء شيئًا، كنَال ينال نيلًا، ثم وضعوا المصدر موضع المفعول فسموا المشيء شيئًا. . . فقوله: ﴿عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ أي على كل ما يشاء؛ فمنه ما قد شيء فوُجد، ومنه ما لم يُشأ لكنه شيء في العلم بمعنى انه قابلٌ لأن يشاء، وقوله: ﴿عَلَى كُلِّ شَيْءٍ﴾ يتناول ما كان شيئًا في الخارج والعلم، أو ما كان شيئًا في العلم فقط، بخلاف ما لا يجوز أن تتناول المشيئة وهو الحق تعالى وصفاته، أو الممتنع لنفسه فإنه غير داخل في العموم ولهذا اتفق الناس على أن الممتنع لنفسه ليس بشيء" (٢).

والحاصل أن قدرة الله شاملة لكل شيء، وأن مشيئته كذلك شاملة لكل شيء؛ وجوبًا فيما وقع، وجوازًا فيما لم يقع، وأن جواز شمول كل منهما دليل على جواز شمول الأخرى، والله أعلم.


(١) مجموع الفتاوى (١٢/ ٣٣١).
(٢) المصدر السابق (٨/ ٣٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>