فكل ما صح أن يُسمى شيئًا - كما سبق بيانه - يصح أن يشاءه الله ﷿.
وأما المسألة الثالثة: جواز تعلق قدرة الرب ﷾ بكل ما جاز أن تتعلق به مشيئته والعكس، وجودًا وعدمًا.
فهذه المسألة هي في الحقيقة لبُّ هذه القاعدة، وقد بان من مجموع ما سبق المراد منها، وزيادة في البيان يقال:
القدرة إنما تصح على ما يصح أن يُشاء، لأن ما لا يصح أن يُشاء ليس بشيء؛ فلا يصح تعلق القدرة به، وكذلك المشيئة إنما تكون على المقدور، والله على كل شيء قدير، وما لا يصح أن يكون مقدورًا - لكونه ليس شيئًا - لا يصح توجه المشيئة إليه.
فشمول كل منهما دليل على شمول الأخرى.
قال شيخ الإسلام ﵀:"قدرة الرب لا يفعل بها إلا مع وجود مشيئته، فإنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وليس كل ما كان قادرًا عليه فعله. . . وإذا كان لو شاءه لفعله دل على أنه قادر عليه، فإنه لا يمكن فعل غير المقدور"(١).
فجواز القدرة دليل على جواز المشيئة، وجواز المشيئة دليل على جواز القدرة.
قال شيخ الإسلام ﵀: "قوله: ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [المائدة: ١٢٠] دخل في ذلك ما يصلح أن يكون مقدورًا، وذلك يتناول كل ما كانت ذاته ممكنة الوجود، وقد يقال: دخل في ذلك كل ما يسمى شيئًا بمعنى مشيئًا. . . فكل ما