للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا موضع إجماع أهل السنة والجماعة، وعامة عقلاء بني آدم من جميع الأصناف (١).

وأما المسألة الثانية: شمول مشيئة الله لكل شيء، وجوبًا فيما وقع، وجوازًا فيما لم يقع.

فالمراد منها أن مشيئة الرب ﷿ نافذةٌ، فليس في الوجود موجب تام إلا مشيئة الله وحده فلا يكون شيء إلا بمشيئته، ولا يخرج عن مشيئته شيء.

وتقدم عند الكلام على المشيئة - بصفتها من مراتب القدر - الإشارة إلى أدلة شمولها، وأنها متضمنة لأمرين (٢):

الأول: أن ما وقع من الأشياء إنما وقع بمشيئته ، فهي الموجب التام.

الثاني: أن ما لم يقع فهو لعدم مشيئته ، فتعليقه عدم الوقوع على عدم المشيئة دليل على جواز نفوذها.

ومن هذه الأدلة: قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (١٠٦) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٠٧) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾ [هود: ١٠٦ - ١٠٨].

فانقطاع خلود أهل الجنة والنار أمر لا يكون، وقد أخبر ﷿ لو شاء لفعله.


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٩ - ١٠ و ١٨٢ - ١٨٥)، ومنهاج السنة (٢/ ٢٨٩ - ٢٩٣)، وجامع المسائل (٤/ ٤٠٢ - ٤٠٣).
(٢) انظر ما تقدم ص (١٠٥ - ١٠٦ و ١٢١ - ١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>