للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنىً صحيحًا ومعنىً باطلًا، ولا سبيل إلى تقرير المعنى الحق ورد المعنى الباطل إلا بالرجوع إلى لفظ شرعي صحيح، وهذا اللفظ هو (الجبل)، فلا يقال: الله جبر العباد، ولا يقال: لم يجبرهم، وإنما يقال: جَبَل العباد.

وبيان ذلك: أن لفظ الجَبْر - الذي هو بمعنى الإكراه والقهر (١) - يراد به معنيان مختلفان (٢):

الأول: إلزام الإنسان بخلاف رضاه، إما بإكراهه على فعل ما لا يريده، أو بمنعه مما يريده، ثم قد يكون هذا الإلزام بحق، وقد يكون بباطل.

ومثال هذا القسم: إجبار الولي المرأةَ - التي تحت ولايته - على النكاح بغير رضاها، أو عضلها ومنعها عن الكفء.

الثاني: خلق الإرادة في قلب العبد وجعله مريدًا لذلك مختارًا محبًّا له راضيًا به، وخلقه متصفًا بهذه الصفات.


(١) وللجبر معنيان آخران سوى هذا المعنى: أحدهما يرجع إلى الإصلاح، يقال جَبَر العظم، لازمًا ومتعديًا، ومنه قول العجاج:
قد جَبَر الدينَ الإلهُ فجَبَر … وعوَّر الرحمن من ولَّى العَوَر
والثاني: يرجع إلى العز والامتناع، ومنه الجبَّار من النخل، وهو ما طال وفات الأيدي، قال الأعشى:
طريقٌ وجبَّارٌ رواءٌ أصولُه … عليه أبابيلٌ من الطير تنعَبُ
انظر: تهذيب اللغة (١١/ ٥٧)، ولسان العرب (٥/ ١٨٢)، مادة: (جَبَر).
(٢) انظر: درء التعارض (١/ ٦٥ - ٦٩)، ومجموع الفتاوى (٨/ ٤٦٢ - ٤٦٥)، وشفاء العليل (١/ ٣٨٥ - ٣٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>