للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمود في العقل، فخلق الخلق لهذه الحكمة من غير أن يعود إليه من ذلك حكم، ولا قام به فعل ولا نعت" (١).

وعلة ذلك عندهم أن الحكيم من يفعل أحد أمرين، إما أن ينتفع أو ينفع غيره والباري سبحانه لما كان مقدَّسًا عن الانتفاع؛ تعين أنه إنما يفعل لينفع غيره (٢).

الثاني: أنهم جعلوا الحكمة حاملًا لقولهم بالإيجاب على الله سبحانه.

وما ذهبوا إليه باطل من وجوه:

الأول: أن الأدلة النقلية والعقلية دلت على اتصاف الرب سبحانه بالحكمة، وأن الحكمة وصفه سبحانه، ولكن المعتزلة لما كانوا ينفون صفات الرب سبحانه فإنهم نفوا اتصافه بالحكمة.

الثاني: أن قولهم: أن الرب سبحانه مقدس عن الانتفاع مجمل، فإن أريد بالانتفاع كون الرب سبحانه محتاجًا لغيره حتى يكمل؛ فباطل، وإن أريد أنه سبحانه يعود عليه وصف من كونه يفعل لحكمة فصحيح، يوضحه:

الثالث: أنه لا يعقل أن يفعل الحكيم فعلًا من غير أن يعود عليه منه حكم؛ فالإحسان إلى الغير محمود لكون المحسن يعود إليه من فعله هذه الأمور حكم يحمد لأجله، إما لتكميل نفسه بذلك، وإما لقصده الحمد والثواب بذلك، وإما لرقة وألم يجده في نفسه يدفع بالإحسان ذلك الألم، وإما لالتذاذه وسروره وفرحه بالإحسان.


(١) مجموع الفتاوى (٨/ ٨٩).
(٢) انظر: نهاية الإقدام (٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>