للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكل من فعل فعلًا ليس فيه لنفسه لذة ولا مصلحة ولا منفعة بوجه من الوجوه - لا عاجلة ولا آجلة -؛ كان عابثًا ولم يكن محمودًا (١).

الرابع: أن الحكمة العائدة إليه سبحانه صفات من جملة صفاته التي تقوم به - كما تقدم - فهو ينصر المؤمنين محبة لهم ولدينه، ويخذل الكافرين غضبًا عليهم وانتقامًا منهم، وهكذا (٢)، فالحكمة العائدة إليه من صفاته، فلا يكون سبحانه مستكملًا بغيره.

الخامس: أن الإيجاب على الرب سبحانه لا يصح أصلًا، سواء كان موجبه الحكمة أو غيرها، لأن العباد لا يوجبون على الرب سبحانه إلا ما أوجبه على نفسه تفضُّلًا منه سبحانه - كما سيأتي - وإن كان سبحانه إنما أوجب على نفسه ما أوجب تفضُّلًا لحكمة، إذ الحكمة - كما تقدم - ملازمة لأفعال الله (٣).

وأما الأشاعرة؛ فذهبوا إلى إنكار الحكمة في أفعاله سبحانه، وزعموا أنه سبحانه يفعل لمحض المشيئة وصرف الإرادة، فليس ثَمَّ حكمة تبعث على الفعل أو مقصودة به، وإنما تترتب عليه، وتحصل عقيبه حصولًا مجردًا عن القصد.

قال الشهرستاني: "مذهب أهل الحق أن الله تعالى خلق العالم بما فيه من الجواهر والأعراض، وأصناف الخلق والأنواع، لا لعلة حاملة له على الفعل، سواء قدرت تلك العلة نافعة له أو غير نافعة؛ إذ ليس يقبل النفع والضر، أو قدرت تلك العلة نافعة للخلق إذ ليس يبعثه على الفعل باعث، فلا غرض له


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٨/ ٨٩ - ٩٠)، ومنهاج السنة (٣/ ١٩٢ - ١٩٤).
(٢) انظر ما تقدم ص (٤٤١ - ٤٤٢).
(٣) انظر ما تقدم ص (٤٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>