للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو يعلم أن السعيد يسعد بأسباب السعادة التي هي الأعمال الصالحة، والشقي يشقى بأسباب الشقاء وهي الأعمال السيئة، فمن كان سعيدًا يُسِّر للأعمال الصالحة التي تقتضي السعادة، ومن كان شقيًا يُسِّر للأعمال السيئة التي تقتضي الشقاوة، وكلاهما ميسر لما خلق له (١).

وقول النبي : (كل ميسر لما خلق له)، أجاب به في عدة مواطن على سؤال تكرر من عدد من الصحابة ، ومضمون هذا السؤال: هو أنه إذا كان قد سبق القدر بالسعادة والشقاوة، فما فائدة العمل؟ فمن كتبه الله من أهل السعادة فسيصير لها، ومن كتبه من أهل الشقاوة فكذلك سيصير لها.

فأجاب النبي بهذا الأصل الكلي المتضمن لأصول أربعة:

الأول: إثبات الأسباب، ببيان أن كلًّا من السعادة والشقاوة إنما تنال بأسبابها.

الثاني: إثبات القدر السابق، وأنه لا تنافي بينه وبين كون الإنسان له قدرة على فعله وله اختيار.

الثالث: أن هذا عام في كل مخلوق، بدلالة لفظ: (كلّ).

الرابع: أن من الناس من خلق للسعادة، ومنهم من خلق للشقاء، فلم يخلقوا كلهم للسعادة ثم منهم من اختار الشقاء.

وقد ورد حديث أبي حميد الساعدي بلفظ: (أجملوا في طلب الدنيا، فإن كلًّا ميسرٌ لما كتب له منها) (٢).


(١) انظر: مجموع الفتاوى (١٠/ ٢٣ - ٢٤).
(٢) رواه ابن ماجه كتاب التجارات، باب الاقتصاد في المعيشة (٣/ ٥١٢) ح (٢١٤٢)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>