للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا كما تقدم تقريره آنفًا؛ فإن النعمة لو عدمت في المؤمن لَلَزِم أن الطاعة ترجحت على المعصية بغير مرجح، وهذا ممتنع.

ثالثًا: أن هذه النعمة محض فضل الله سبحانه على العبد ولطفه به؛ فليس للعبد عند الله عهد أو حق بأن ينعم عليه بها، بل هو سبحانه يختص بها من شاء فضلًا وجودًا وتكرُّمًا منه ﷿.

وهذا الاختصاص مبني على علمه سبحانه بمن يصلح لهذا الفضل ممن لا يصلح، وحكمته سبحانه التي تقتضي وضع الشيء في موضعه اللائق به.

قال شيخ الإسلام : "بل إعانته على الطاعة لمن أمره بها فضلٌ منه كسائر النعم، وهو يختص برحمته من يشاء" (١).

وقال ابن القيم : "فأخبر سبحانه أنه جعل في قلوب عباده المؤمنين الأمرين: حبه وحسنه الداعي إلى حبه، وألقى في قلوبهم كراهة ضده من الكفر والفسوق والعصيان، وأن ذلك محض فضله ومنته عليهم حيث لم يكلهم إلى أنفسهم، بل تولى هو سبحانه هذا التحبيب والتزيين وتكريه ضده، فجاد عليهم به فضلًا منه ونعمةً، والله عليم بمواقع فضله ومن يصلح له ومن لا يصلح، حكيم بجعله في مواضعه" (٢) (٣).


(١) منهاج السنة (٥/ ٣١٢).
(٢) شفاء العليل (١/ ٢١٢).
(٣) وهنا تذكر مسألة لها نوع تعلق بهذه القاعدة، وهي هل لله سبحانه على الكافر نعمة دنيوية، أم ليس له على اعتبار أن هذه النعم في حقه نقم؛ لأنه سيحاسب عليها وستكون سببًا في عذابه؟ والصواب أنها نعم في حقه كما دل عليه النصوص، ولأنها لو لم تكن نعمًا لما وجب عليهم شكر الله، وهذا باطل ضرورةً. انظر هذه المسألة في: جامع الرسائل (٢/ ٣٤٣ وما بعدها). =

<<  <  ج: ص:  >  >>