للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن عبد البر : "فإنكم لن تطيقوا الإحاطة في أعمال البر كلها، ولا بد للمخلوقين من ملال وتقصير في الأعمال" (١).

قال ابن رجب : "لن تقدروا على الاستقامة كلها" (٢).

ومما يدل على خصوصيتها بالمؤمن أنه لو كان هو والكافر في وجودها سواء لكانا جميعًا مؤمنين (٣)، ولو كانا في عدمها سواء لكانا جميعًا كافرين، إذ لا مزية حينئذ ترجح الطاعة على سواها عند المؤمن، وقد عُلم أنها وقعت منه؛ فيلزم حينئذ أنها ترجحت على مثيلتها بغير مرجح، وهذا ممتنع كما تقدم (٤)، ويتضح هذا أكثر بما يأتي:

ثانيًا: أن هذه النعمة الدينية هي التي أوجبت القيام بالأمر وترك النهي، إذ أن العبد ليس له من نفسه - كما تقدم - قدرةٌ موجبةٌ للقيام بذلك، بل لا يستطيعه إلا بإعانة وتسديد، وهذه الإعانة هي حقيقة هذه النعمة لله على العبد، فإذا كان حصولها شرطًا في الطاعة لزم أن لا تحصل إلا بوجودها، إذ حصول المشروط متوقف على حصول شرطه (٥)، فإذا وجدت الإعانة وجدت الطاعة، وإذا عدمت عدمت.


= باب المحافظة على الوضوء (١/ ٢٥٢) ح (٢٧٧) من حديث ثوبان ، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ح (١٩٧)، وانظر: وإرواء الغليل (٣/ ١٣٥).
(١) الاستذكار (٢/ ٢١٤).
(٢) جامع العلوم والحكم (١٨١).
(٣) انظر: الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (٢/ ٤٠٤)، ومنهاج السنة (٥/ ٣٠٦).
(٤) انظر ما تقدم ص (٦٩٥).
(٥) انظر: الموافقات للشاطبي (١/ ٤١٥ - ٤١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>